أصبحت التقنيات الحديثة جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فقد توغلت في السنوات الأخيرة في كافة الصناعات والمجالات لتثبت أهميتها ولتجعلنا شهودًا على التغيير التي أحدثته. ولعل هذا التوغل جعلنا نغفل عن التفكير في تلك التكنولوجيا وتفاصيلها وكيفية عملها إذ أنها أصبحت واقعًا ملموسًا ليس بحاجة لتحليلات. ونحن هنا الآن لنتحدث عن واحدة من أهم تلك التقنيات والتي تعتبر أحد أعمدة التحول الرقمي والمدن الذكية، إنها تكنولوجيا إنترنت الأشياء(IoT). برزت أهمية تكنولوجيا إنترنت الأشياء في مجالات عِدة، كالصناعات المختلفة والمدن الذكية والمنازل الذكية والأمن السيبراني كذلك، لكننا اليوم نتناول استخدام مُحدد لإنترنت الأشياء لفهم كيفية عمله وما يستطيع تقديمه لنا في هذا الحيز تحديدًا، لذا دعونا نتناول أهمية إنترنت الأشياء في إدارة أساطيل المركبات وتحديدًا كيفية استخدام إنترنت الأشياء لزيادة كفاءة الوقود وترشيد استهلاكه والتحكم في انبعاثات المركبات.

إن تدخل إنترنت الأشياء في إدارة أساطيل المركبات منحها رؤية شاملة وأدوات تحكم قوية وذكية للقدرة على السيطرة على كافة مهام وتفاصيل المركبات وتحسين الأداء من مختلف الجوانب. ومن الجوانب التي شهدت تغييرًا جذريًا عند إدماج إنترنت الأشياء بها هو ملف استهلاك الوقود في الأساطيل. تساهم تكنولوجيا إنترنت الأشياء في زيادة كفاءة الوقود وترشيد استهلاكه، كما تعمل على التحكم بالانبعاثات الصادرة منه مما يتطابق مع المعايير البيئية العالمية. وهنا يأتي السؤال، كيف تعمل تلك التكنولوجيا؟ وما هي الخطوات المُتبِعة للوصول لتلك النتائج المُرضية لأصحاب الأساطيل وللحكومات وللبيئة على حدٍ سواء؟

تُقدم لنا تقنيات إنترنت الأشياء أدوات قوية وذكية لتسهيل مراقبة الأسطول وإصدار القرارات في الوقت الفعلي والتحكم التام بكل جوانبه، أما فيما يتعلق بالوقود وترشيد استهلاكه، فنجد أربعة عوامل مُحددة كان لها الفضل في صناعة الفارق في ملف وقود الأساطيل، وإليكم العوامل الرئيسية في ملف وقود الأساطيل ونبذة عن كلاً منها:

1- التوجيه الفعال للمسارات:

يُعد رصد ومراقبة المركبات في الوقت الفعلي هو أساس عمل إدارة الأساطيل، فعِند تحديد موقع المركبة في نفس اللحظة، يمكنك التحكم بها بسهولة وسرعة مما يرشد استهلاك الوقود، ومثال على ذلك تحديد أقصر الطرق للمركبة للوصول للموقع المطلوب، وإرسال أمر التوجه إلى أقرب المركبات للمكان وليس إرسال عشوائي للكل، ومثال آخر؛ عند حدوث زحام أو حوادث سير أو تكدسات في مسار المركبة، يمكن لمركز التحكم بسهولة وسرعة إصدار أوامره للمركبة بتغيير خط السير حتى لا تعلق في التكدسات مما يزيد استهلاك الوقود ويقلل رضاء العملاء. فالتوجيه الفعال للمسارات يوفر الوقت والمجهود ويحسن من أداء الأسطول كما يرشد استهلاك الوقود.

2- الرصد الذكي للبيانات:

تعتمد تكنولوجيا انترنت الاشياء اعتماد كلي على المستشعرات المدمجة في المركبات والتي تراقب بشكل لحظي حالة المركبة وادائها واداء السائق واستهلاك الوقود، كما تحدد اذا حدثت سلوكيات قيادة متهورة او غير فعالة اثناء القيادة وتأثير ذلك على كمية الوقود المستخدمة، فسلوكيات كالقيادة المتهورة والتسارع دون داعي يسبب زيادة مستويات الوقود المستخدم دون الحاجة لذلك مما يزيد الانبعاثات الصادرة من المحرك وهو ما نسعى جاهدين للحد من انتشاره للحفاظ على البيئة والصحة العامة.

3- تنبيهات الصيانة الوقائية:

فائدة أخرى للمستشعرات المدمجة في المركبات وهي مراقبة حالة المركبة والمحرك وأدائهم والتنبؤ بموعد الصيانة التالي ومواعيد تغيير الزيوت، تبلّغ كذلك المستشعرات عن الأعطال المُحتَملة قبل حدوثها وهو ما يقلل من أعطال المركبة بنسبة كبيرة ويُحسن كفائتها فلا يحدث تسريبات غاز أو توقف للصيانة لفترات طويلة.

4- التقارير التحليلية الدقيقة:

كما اتفقنا فالمستشعرات المدمجة تقيس كافة عمليات المركبة لحظيًا، وحتى يستطيع مركز التحكم الاستفادة الكاملة من تلك القراءات، فإنها تُقدَّم على شكل تقارير تحليلية دقيقة لتقديم القراءات والملاحظات والاقتراحات بشكل مبسط ومُمنهج في صورة مخططات ورسم بياني وجداول منظمة، تلك التقارير تُظهٍر حالة المركبة وأداء السائق ومواعيد الصيانة المتوقعة وكذلك مستويات استهلاك الوقود وكمية الانبعاثات الناتجة عنه، وهو ما يساعد أصحاب القرار على الرؤية الشاملة لأداء أسطولهم واتخاذ قرارات مبنية على بيانات حقيقية لتحسين أداء الأسطول والتحكم في تكاليفه وتقليل استهلاك وقوده، مما يساعدنا على الحد من الانبعاثات وتلبية المعايير البيئية العالمية على أكمل وجه.

إنها الاستفادة الكاملة من التكنولوجيا الحالية وتطويعها لخدمة أهدافنا في الحصول على رؤية شاملة وتحكم كامل من خلال أدوات قوية تمكننا من تحسين الأداء بطرق ذكية ومستدامة.